ألقت عدالت عمر رئيسة هيئة المرأة في الإدارة الذاتية، كلمة خلال الملتقى الحواري الذي عقدته الحركات والتنظيمات النسائية في الرقة، رحّبت في مستهلها بالنساء المشاركات من مختلف الأطياف والمكونات، وأشارت إلى أنّ نضال النساء حول العالم وتوحيد جهودهن أسفر عن إعلان اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة.
وأكدت أنّ هذا اليوم يجسّد مبادئ سامية وأهدافاً أساسية في بناء مجتمع ديمقراطي يولد فيه جميع الناس أحراراً ومتساوين في الحقوق والحريات، ويمنح كل امرأة في العالم حقّ المطالبة بحقوقها بعيداً عن أي اعتبارات قومية أو دينية أو فكرية.
وأوضحت أن هذا اليوم يشكّل فرصة لتسليط الضوء على قضايا عميقة تمسّ واقع المرأة والانتهاكات القانونية والسياسية والاجتماعية التي تتعرض لها في سوريا والشرق الأوسط والعالم، مشيرة إلى أن النساء ما زلن يواجهن تحديات يومية في حماية حقوقهن وتطويرها في مختلف ميادين الحياة، وهو ما يجعل انتفاضتهن مستمرة حتى اليوم وفق نهج وفلسفة:“المرأة – الحياة – الحرية”.
وتابعت بالقول إن الحاجة اليوم تتجسد في الاستفادة من هذا المنتدى لإجراء مراجعة نقدية لإخفاقات السنوات الماضية، والعمل على تحقيق العدالة الكاملة، معتبرة أن المنتدى يشكّل منصة مهمة لتبادل الخبرات وتقييم تنفيذ القوانين والقرارات المتعلقة بحقوق المرأة في مختلف المجتمعات.
وأضافت “أنه عند قراءة التاريخ بصورة صحيحة ندرك أن الشرق الأوسط كان مهداً للحضارات والآلهة الأم، إلا أن تاريخ المرأة جرى تجاهله في العلوم الاجتماعية، كما لم تتمكن الحركات التحررية والاشتراكية حول العالم من الانفصال عن خدمة مصالح النظام الرأسمالي، وفي واقع اليوم، عملت الدولة القومية على فرض سياسات استبدادية تعزز حضورها وتفرض هيمنتها الذكورية، ما أدى إلى حروب ومجازر وإبادات بحق المرأة، وسعى إلى تفكيك النسيج الاجتماعي وانتهاك حقوق الإنسان”.
ولفتت إلى أهمية تحرير الذات من الذهنيات التي جعلت من المرأة مادة خام في الحداثة الرأسمالية، حيث يُباع جسدها وتُسبى وتُخضع لعبودية قاسية تشوّه حقيقتها وتسرق لغتها وإنتاجها ومكانتها في المجتمع.
وشددت على أهمية المبادرة لإزالة خنجر الهيمنة الذكورية المغروس في ظهر البشرية، والعمل على إيجاد حلول فعّالة لحماية النساء من جميع أشكال العنف، وتعزيز الوعي، وتصحيح الموروثات الثقافية الخاطئة، وتفعيل القوانين الرادعة، وتقديم الدعم للمتضررات، انطلاقاً من مسؤولية جماعية نحو مستقبل أكثر أماناً وحرية للمرأة.
وتابعت عدالت عمر قائلة :”إن هذا اليوم يضع الجميع أمام مهام ومسؤوليات تاريخية للانتقال من واقع العبودية إلى توسيع مساحة الحرية، كخطوة راسخة في مسيرة النضال. وجدّدت التأكيد على مواصلة العمل وتكثيف الفعاليات لجعل كل يوم يوماً لحرية المرأة ومقاومتها، معتبرة أن يوماً واحداً لا يكفي لإنصاف النساء ولا يعكس حجم الظلم الذي تعرضن له بفعل الذهنية الذكورية والأنظمة السلطوية”.
وأشارت إلى أن القضية السورية ما زالت عالقة ومعقدة بسبب استمرار الانتهاكات الجسيمة التي تمارسها الأنظمة المتطرفة، من قتل ومجازر واغتصاب وتهجير واستيطان وتغيير ديمغرافي، محذّرة من خطورة هذه الممارسات على مستقبل المرأة وحقوق المجتمع السوري، وعلى حقه في تقرير مصيره وبناء سوريا جديدة.
وخلال كلمتها، حيّت عدالت عمر مقاومة نساء شمال وشرق سوريا اللواتي واجهن المحن ومآسي الحرب والاحتلال، وتمكنّ من مواصلة النضال حتى أصبحن مصدر أمل وشجاعة للنساء السوريات كافة.
كما استذكرت مواقف نساء السويداء والساحل اللواتي وحّدن صفوفهن واتخذن موقفاً شجاعاً في مواجهة الاستبداد، مثمنة كذلك مواقف النساء الأمميات اللواتي ملأن الساحات بألوان المقاومة عام 2025، الأمر الذي شكّل إضافة نوعية لمسيرة النضال والرؤية المستقبلية.
واختتمت عدالت عمر كلمتها بالتأكيد على الأمل بأن يسهم المنتدى في تعزيز الوعي الفكري وتمكين المرأة من نيل حقوقها المشروعة، داعية إلى الارتقاء إلى مستوى المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتق الجميع، وأعربت عن ثقتها بقدرة المرأة السورية على تحقيق انتصارات جديدة وترسيخ مكانتها وحماية مكتسباتها في دستور سوريا المستقبل. وبهذا الأمل تمنت أن يخرج المنتدى بتوصيات ونتائج فاعلة تسهم في مسيرة البناء والتطوير.







