شارك وفد من منسقية المرأة في الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا في ملتقى الشهباء السياسي، الذي عُقد اليوم بمدينة الرقة، وذلك تحت شعار “العودة حق لا نسيان ولا تنازل”.
وحضر الملتقى عدد من مهجّري منطقة الشهباء، ويأتي في إطار التأكيد على حق المهجرين في العودة الآمنة إلى مناطقهم الأصلية بضمانات واضحة ودون أي شروط.
وانطلقت أعمال الملتقى بالوقوف دقيقة صمت إجلالًا لأرواح الشهداء، تلاه إلقاد كلمة باسم مهجّري الشهباء قدّمتها السيدة رحاب جبو، أشارت فيها إلى إصرار الأهالي على التمسك بحق العودة ورفض كافة أشكال التهجير القسري.
ومن جانبها ألقت السيدة إلهام أحمد كلمة باسم دائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية، أكدت خلالها على أهمية عودة المهجّرين إلى مناطقهم الأصلية، وشددت على ضرورة حماية جميع الطوائف والأديان.
وبينت “أنَّ ما تحتاجه سوريا الآن هو النظرة الواقعية التي تراعي الحاضر والمستقبل”، داعية إلى عقد مؤتمر وطني شامل يضم جميع أطياف الشعب السوري للوصول إلى توافق سياسي جامع يضمن بناء دولة لا مركزية تشاركية تراعي التنوع الثقافي والديني، وتفتح المجال أمام مشاركة المرأة في مختلف المجالات.
كما تطرّقت إلهام أحمد إلى جهود الإدارة الذاتية في الحفاظ على الأمن والاستقرار في شمال وشرق سوريا، وأشارت إلى أن تحقيق السلم الأهلي في جميع المناطق السورية هو جزء لا يتجزأ من استقرار المنطقة، مؤكدةً التزام الإدارة بضمان العودة الآمنة للمهجرين.
وتضمن الملتقى تقديم فقرة تعريفية بتاريخ منطقة الشهباء من قبل الباحث في التاريخ جمال خدرو، استعرض خلالها حضارتها وموقعها الجغرافي والتنوع الثقافي فيها، إلى جانب عرض فيلم وثائقي تلفزيوني حول جمال منطقة الشهباء وأهميتها الجغرافية والتاريخية.
ومن جانب آخر شهد الملتقى جلسة حوارية، قدمها كل من جمعة كالو الذي تطرق إلى أهداف التهجير القسري والجهات المتسببة به، وإسماعيل موسى الذي سلط الضوء على معاناة المهجرين داخل البلاد وخارجها، وجيهان خضرو التي تحدثت عن موضوع الحق في العودة والمحاسبة على الجرائم المرتكبة بحق المدنيين.
كما تخّلل الملتقى عدد من المداخلات، أبرزها، كلمة باسم الإدارة الذاتية ألقاها نائب الرئاسة المشتركة للمجلس التنفيذي حمدان العبد، وكلمة باسم هيئة المرأة ألقتها نيروز مسلم، نائبة رئيسة الهيئة، ومداخلة من الرئاسة المشتركة لهيئة الحقوق والعدل القاضي عماد الكراف، ومداخلات من مهجري الشهباء وعفرين.
وأكدت جميع المداخلات على ضرورة توحيد الجهود والعمل المشترك لتحقيق العدالة وضمان العودة الكريمة والآمنة للمهجرين إلى ديارهم.
واختتم الملتقى أعماله بإلقاء بيان ختامي، جاء فيه:
باسم المشاركين والمشاركات في ملتقى الشهباء، المنعقد اليوم بتاريخ ٤/٨/٢٠٢٥ في مدينة الرقة وتحت الشعار (العودة حق لا نسيان ولا تنازل) لمناقشة معاناة المهجرين قسرًا من أبناء الشهباء (الباب اعزاز – جرابلس – تل عرن وتل حاصل)، نعلن نحن، وبصوت موحد، ما يلي:
لقد ناقشنا خلال هذا الملتقى عبر محاوره الثلاثة، حقائق مؤلمة ومستمرة منذ سنوات، يعانيها عشرات الآلاف من المدنيين، ممن اقتلعوا من أراضيهم قسرًا، وجرى تهميش صوتهم وحقوقهم، رغم أنهم كانوا من أوائل من خرجوا في الحراك الثوري الشعبي من أجل الحرية والعدالة والدولة المدنية.
وإذ نعيد التأكيد على أن قضية هؤلاء المهجرين هي قضية وطنية وسياسية من الدرجة الأولى، فإننا نرى أن المرحلة المقبلة تتطلب الانتقال من الشكوى إلى الفعل، ومن التوصيف إلى التنظيم، ومن الألم إلى القرار.
وانطلاقا من ذلك، نعلن النقاط المتفقة عليها:
١. الحق في العودة الآمنة، غير المشروطة، إلى المناطق الأصلية لأهالي الشهباء هو حق لا يُسقطه الزمن، ولا يُعلق على مخرجات تفاوض أو تسويات سياسية.
٢. التأكيد ودعم اتفاقية ١٠ آذار بين رئيس الحكومة الانتقالية السيد أحمد الشرع والقائد العام للقوات سوريا الديمقراطية السيد مظلوم عبدي وخاصة في البند الذي يخص ملف المهجرين وتأمين العودة الآمنة.
٣. نرفض أي مشاريع تستهدف فرض أمر واقع ديمغرافي جديد، أو تسعى لإعادة رسم خرائط المجتمعات السورية خدمة لأجندات إقليمية، ونعتبر أن أي تغيّر سكاني تم تحت التهجير والقوة هو غير شرعي ويجب التراجع عنه.
محاسبة جميع المسؤولين عن الانتهاكات والمجازر بحق المدنيين وعلى رأسهم الكرد في هذه المناطق وخاصة مجزرة تل عرن وتل حاصل.
٤. ندعو الإدارة الذاتية إلى تحمل مسؤوليتها تجاه المهجرين من أبناء مناطق الشهباء، وتمثيلهم سياسياً وإعلامياً، وأخذ هذا الملف بعين الاعتبار على طاولة الحوار في مفاوضاتهم والتأكيد عليها في المحافل الدولية.
٥. نرفض تسيس ملف المهجرين أو تسليعه في الصراعات الفئوية، ونؤكد أن أبناء هذه المناطق لا يحتاجون إلى وصاية، بل إلى عدالة حقيقية، ومكانهم الطبيعي في سوريا الجديدة.
٦. نناشد القوى الوطنية والدولية والإقليمية والداعمة المعنية بالعملية السياسية في سوريا، بوضع ملف التهجير والمحاسبة والعودة في قلب الحل السياسي، وليس في هوامشه، وضمان مشاركة ممثلين عن المهجرين في المسارات التفاوضية والدستورية.
٧. نعلن تشكيل لجنة متابعة دائمة لمخرجات ملتقى الشهباء، تكون مهمتها:
– صياغة خارطة طريق لعودة الأهالي إلى مناطقهم والتنسيق مع الجهات المعنية.
– توثيق الانتهاكات وتقديمها لجهات قانونية دولية ومحلية.
– التنسيق مع المؤسسات الوطنية والدولية لتأمين الدعم السياسي والإعلامي والحقوقي لهذا الملف.
في الختام:
نحن، أبناء هذه الأرض، نطالب بحقنا الكامل في العودة والكرامة والعدالة. لن تُبنى سوريا على أنقاض من دفنوا قسرًا خارج بيوتهم، ولا على صمت من قايض المبدأ بالمصلحة، ولا على تسويات تتجاهل من ضحوا دون أن يساوموا. سوريا الجديدة لن تكون كاملة، إلا حين يعود أبناؤها إلى ترابها، مرفوعين الرأس، أحرارًا كما خرجوا، وكرامتهم محفوظة كما وُلِدوا.







